ابحث فى المدونة

قصه قصيره لـ محمود جابر

قصه قصيره لـ محمود جابر
    لقد كان من فرط سعادته لا يطأ الأرض برجليه وهو الذي كان بطيئا كالسلحفاه من كثرة الشحوم التي يحملها جسده الثلاثيني، لقد بدا في الأفق شيء ما يتوجب تسميته بلحظة تاريخية ..... 

     لقد كان من فرط سعادته لا يطأ الأرض برجليه وهو الذي كان بطيئا كالسلحفاه من كثرة الشحوم التي يحملها جسده الثلاثيني، لقد بدا في الأفق شيء ما يتوجب تسميته بلحظة تاريخية.. هي تماما أشبه بما كان يدرسه في كتب التاريخ بالمرحلة الإعدادية والثانوية وهو من كان يحلم بأن يكون حاضرا ولو في واحدة من تلك الفترات الزمنية الثورية وما أكثرها في تاريخ متنوع وغني بأحسن القصص، كم كان يحب مينا وأحمس ويرى نفسه في بيبرس ومنبهر أمام قيادة صلاح الدين وقطز ويحب كليوباترا ويغار عليها من يوليوس قيصر ويتشفى في نهاية شجرة الدر لبغضه إنحطاطها وخبثها ويفتخر بمحمد علي باشا ولايكترث بخلفه سواء كان خديوي أوملك فهم كما قال تاريخ مدرسته ضررهما أكثر من نفعهم. ويعجبه إسم مرج دابق وأحمد باشا الجزار والي عكا وترعرعت وطنيته من نماذجها الفريدة كطلعت حرب ومحمد فريد ويجل سعد باشا زغلول ويستوقفه همة وبلاغة مصطفى كامل وتهور وإندفاع أحمد عرابي. حتى النداءات التي يسمعها كانت تفوح منها رائحة الماضي وكأنه دخل في كتاب تاريخ، والحاضر يستحضر الماضي ويذكره بأنهم إخوة في الظلم والطغيان ويستغيث به عله يجد عنده مايتوكىء عليه في تلك المستجدات التي فاجأنا بها البوعزيزي، وأخذت الحناجر تصيح...... نداء الثورات المفضل جمل وليدة الموقف وصنيعة الأرصفة...... عيش....حريه......عداله اجتماعيه يسقط ......يسقط حسني مبارك إرحل.....إرحل.......إرحل طول مالدم المصري رخيص....يسقط يسقط أي رئيس الجيش والشعب إيد واحده.......وهذا النداء تحديدا أصبح نواة لخلية مسرطنة متكاملة النمو ولما لا وهناك بيئة حاضنة لها ولو لوهلة لكن كان لها عظيم الأثر لقد كانت في توقيت التمدد والتمكن. اللحظة الآنية هو يسمع ألبوم حماقي الجديد بسماعات MB3 ويأكل كشري عند (توم آند بصل) كما كان في ثورته الأولى هو وعشيرته وهؤلاء، الكشري هو الكشري ولكن أين البصل؟ فهو الوحيد القادر على إنتزاع دمعتنا لقد كان يأكل بشراهة وكأنه في معركة حامية الوطيس مع الطبق وما يحتويه وعيناه محدقتان إلى ما بداخل الطبق ولكنها فعليا تنظر لشيء غير مرئي وكأنها مسلوبة الرؤية......ويتلذذ وهو بالمطعم بالصوت المعدني لأدوات الطعام الذي يقوم به الشيف كل ثوان وهو يضع مكونات الكشري بالأطباق وكأنه منبه لتنشيط همته فيسرع أكثر وأكثر في إلتهام محتوى الطبق كلما سمع هذا الصوت........ وبينما هو في نشوته من جودة الطعام ،فجأة تحدث إلى النادل بصوت جهوري (أومال ساعة الثورة كانت المكرونه مش مستويه كويس ليه ياريس؟ فرد عليه بكلام له دلالته وقال المشكلة مش في المكرونه يابيه إنتوا اللي كنتوا مستعجلين عليها !!!!) لا أظنه الآن يذكر شيئا من كتب التاريخ المدرسية.

    إرسال تعليق

    �����
    �����
    �����
    �����
    �����